كم عظمة في جسم الطفل؟
تعد العظام أحد الأجزاء الأساسية في جسم الإنسان، إذ تشكل الهيكل العظمي الذي يوفر الدعم الهيكلي، ويحمي الأعضاء الحيوية، ويتيح حركة الجسم. رغم أن الهيكل العظمي للطفل يمر بعدد من التغيرات والتطورات منذ الولادة وحتى البلوغ، فإن السؤال الأكثر شيوعًا بين الآباء والأطباء على حد سواء هو: كم عدد العظام في جسم الطفل؟
الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة، فهي تعتمد على العمر والتطور الفسيولوجي للطفل. إذ يتغير عدد العظام مع نمو الطفل من مرحلة الولادة إلى مرحلة البلوغ نتيجة لعدة عوامل بيولوجية، من أبرزها التحام العظام واندماج بعضها ببعض. لهذا، سنحاول في هذا المقال التطرق إلى تفاصيل تطور العظام في جسم الطفل من الولادة وحتى البلوغ، وما يتعلق بها من تغيرات.
الهيكل العظمي للطفل: عدد العظام عند الولادة
عند ولادة الطفل، يكون هيكله العظمي مكونًا من حوالي 270 عظمة. هذا العدد أكبر من عدد العظام في جسم البالغ الذي يتراوح عدد عظامه بين 206 إلى 213 عظمة، وذلك بسبب بعض العوامل الفسيولوجية والبيولوجية التي تحدث مع مرور الوقت. لكن ما الذي يجعل عدد العظام في جسم الطفل أكثر من البالغ؟ الإجابة تكمن في أن عظام الأطفال تحتوي على المزيد من الغضاريف مقارنةً بالأطفال الأكبر سنًا والبالغين. هذه الغضاريف تعتبر أكثر مرونة من العظام الصلبة، وهي تمنح الجسم قابلية التكيف والنمو خلال مراحل الحياة المبكرة.
يتمثل الهيكل العظمي للطفل في مزيج من العظام والغضاريف التي ستتصلب تدريجيًا مع مرور الوقت. وتعتبر الغضاريف هذه بمثابة “مناطق مرنة” تتيح للعظام أن تنمو وتتطور بشكل صحيح مع تقدم العمر.
العظام الغضروفية والصلابة المتزايدة
تُعد العظام الغضروفية أحد المكونات الأساسية في هيكل الطفل في السنوات الأولى من حياته. يكون الهيكل العظمي في هذه الفترة عبارة عن مزيج من العظام الناضجة والغضاريف التي تتسم بالمرونة. والسبب في وجود هذا النوع من الغضاريف في هيكل الطفل هو أنه يساعد في تسهيل عملية الولادة، حيث يمكن للعظام الغضروفية أن تُشكل “مساحة مرنة” تسمح بتمدد الجمجمة خلال المرور عبر قناة الولادة.
في الأشهر الأولى من الحياة، تكون معظم العظام مكونة من الغضاريف الصلبة إلى حد ما، لكن هذه الغضاريف تبدأ في التصلب تدريجيًا مع نمو الطفل. في المتوسط، يبدأ هذا التحول بين عمر 1 إلى 3 سنوات، حيث تبدأ معظم الغضاريف بالتصلب تدريجيًا لتتحول إلى عظام صلبة.
التحام العظام مع النمو
خلال السنوات الأولى من حياة الطفل، تبدأ العظام الغضروفية في التصلب، وفي الوقت ذاته تنمو العظام الصلبة بمرور الوقت. ومن أشهر الأمثلة على ذلك هو التغيير الذي يحدث في الجمجمة. ففي الولادة، تحتوي جمجمة الطفل على العديد من الأجزاء الغضروفية التي تكون مفصولة عن بعضها، ولكن مع مرور الوقت، يبدأ الجزء الغضروفي في الالتحام ليشكل الهيكل العظمي الصلب.
أحد أهم التغيرات التي تحدث في هيكل الطفل هو عملية التحام العظام. فمع نمو الطفل وتطوره، تبدأ عظام الجمجمة والعمود الفقري والأطراف في الالتحام تدريجيًا. ويحدث ذلك بصورة تدريجية، حيث تتم عملية التحام العظام في الفترة الممتدة من سن الطفولة المبكرة حتى سن البلوغ. في معظم الحالات، يتم التحام جميع العظام بحلول سن 25 عامًا تقريبًا.
العظام التي تنمو وتستمر في التغيير
من المعروف أن عظام الطفل لا تقتصر على التصلب والالتحام فقط، بل تستمر أيضًا في النمو طوال مراحل حياته. ففي حين أن البالغين يمتلكون عظامًا ثابتة نسبيًا، فإن الأطفال يواصلون نمو عظامهم حتى بلوغهم مرحلة النضوج الجنسي في مرحلة المراهقة.
وتتضمن العظام التي تستمر في النمو والتغير خلال فترة الطفولة ما يلي:
-
العمود الفقري: عند الأطفال، يتكون العمود الفقري من عدد كبير من الفقرات الغضروفية، ولكن مع النمو، تبدأ هذه الفقرات في التصلب والالتحام لتشكل العمود الفقري الصلب.
-
العظام الطويلة: مثل عظام الساق والفخذ، والتي تستمر في النمو بشكل ملحوظ حتى مرحلة المراهقة، حيث يتم تحديد طول الجسم في هذه المرحلة.
-
الأضلاع: تبدأ الأضلاع أيضًا في التصلب والاندماج تدريجيًا، ما يسمح بتكوين الهيكل العظمي العادي للصدر.
تحول الهيكل العظمي مع التقدم في العمر
مع تقدم الطفل في السن، ينخفض عدد العظام بسبب عملية الالتحام التي تحدث تدريجيًا. في حين يبدأ الجسم في الاندماج بين بعض العظام الغضروفية، يستمر الجسم في التكيف مع النمو الطبيعي والتطور الفسيولوجي. بحلول سن 18 عامًا، يتكون الهيكل العظمي للطفل من حوالي 206 إلى 213 عظمة، وهو العدد الذي يتساوى مع عدد العظام لدى البالغين.
العديد من العظام التي كانت منفصلة في مرحلة الطفولة تبدأ في الاندماج مع بعضها البعض. على سبيل المثال، عظام العمود الفقري (الفقرات) تبدأ في التصلب والالتحام لتكوين العمود الفقري البالغ. وهذا هو السبب في أن عدد العظام يقل مع مرور الزمن.
عوامل تأثير نمو العظام عند الأطفال
عدة عوامل تؤثر في نمو العظام عند الأطفال، من أبرزها:
-
التغذية السليمة: يعتبر تناول الكالسيوم والفيتامينات D وC من العوامل الحيوية التي تساهم في نمو العظام بشكل صحي. الغذاء الصحي يساعد على نمو العظام، كما يساعد في تقويتها في مرحلة الطفولة والمراهقة.
-
النشاط البدني: تعتبر ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني من العوامل الأساسية التي تدعم نمو العظام بشكل سليم.
-
العوامل الوراثية: تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في تحديد بنية وهيكل العظام، بالإضافة إلى طول الطفل وشكل جسمه.
أهمية العظام في جسم الطفل
العظام ليست مجرد هيكل غير حي، بل هي عنصر حيوي في نمو الطفل وصحته. فهي تدعم الجسم وتساعده على أداء الوظائف الحيوية، مثل المشي واللعب. العظام في جسم الطفل تتحمل تأثيرات النشاط اليومي، وهي تحتفظ بمعادن هامة مثل الكالسيوم والفوسفور التي تساهم في تقوية العظام وتدعيم الجسم.
العناية بصحة العظام
من الضروري أن يولي الآباء اهتمامًا كبيرًا لصحة عظام أطفالهم من خلال تشجيعهم على اتباع نمط حياة صحي. الحفاظ على صحة العظام يشمل تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل الحليب، والأطعمة الغنية بالفيتامين D مثل السمك. كما يجب تشجيع الطفل على ممارسة النشاطات البدنية التي تقوي عظامه مثل الرياضة والمشي.
إلى جانب ذلك، يمكن أن يكون هناك تأثيرات سلبية على العظام في حالة نقص التغذية أو الإصابة بمرض معين. لهذا السبب، يُنصح بزيارة الطبيب بشكل دوري للتأكد من أن الطفل يتلقى العناصر الغذائية اللازمة التي تساعد في نمو عظامه بشكل صحيح.
الخاتمة
إن عدد العظام في جسم الطفل يتغير بشكل كبير خلال مراحل نموه، حيث يبدأ بحوالي 270 عظمة عند الولادة ويصل إلى حوالي 206 إلى 213 عظمة في مرحلة البلوغ. يعد الهيكل العظمي للطفل فريدًا في مراحله الأولى، حيث يحتوي على العديد من الغضاريف التي تتحول تدريجيًا إلى عظام صلبة مع النمو. إن العناية السليمة بالعظام من خلال التغذية السليمة والنشاط البدني يمكن أن تساعد في تعزيز صحة العظام وضمان نموها بشكل صحي وسليم.
